الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية د.شهاب دغيم: حكومة الشاهد مخالفة لمتطلّبات الأزمة ومقتضيات المرحلة

نشر في  29 أوت 2016  (16:45)

بقلم الدكتور شهاب دغيم: ناشط سياسي

وقيادي بحزب نداء تونس

نريد جمهورية متضامنة ﻻ تبشّر بالجنة للفقراء، بلْ تؤكّد إلتزامها بالقضاء على جيوب الفقر عندما نادى السيّد رئيس الجمهورية بحكومة وحدة وطنية، كان الأمل أن تكون هذه الحكومة سياسية بإمتياز أوّﻻ ومصغّرة ثانيًا نظرا لما تعيشه البلاد من أزمة إقتصادية وإجتماعية حادّة،

غير أنّ القراءَة الواقعية لتشكيلة الحكومة الجديدة تكشف عن أشياء مخالفة في العمق لمتطلبات الأزمة ومقتضيات المرحلة، فالعدد الكبير من الوزراء والعدد المرتفع لكُتاب الدولة وعُسر المشاورات يؤكّد كيف ألقت الحساسيات المتحزبة والأطراف النافذة بظلها على تشكيل الحكومة فأتت الحكومة مُثقلة بالهمّ الحزبي وبالمُحاصصات وبإتساع رقعة التوافق وسقف الترضيات، فالصراعات داخل نفس العائلة الحزبية كانت أقوى أحيانا من الصراعات بين اﻷحزاب والترضيات بصمت أغلب التعيينات فضلا عن إعادة رَسكلة من حَكم عليهم مجلس النواب بالفشل أو بعضهم.

الحقيقة أننا أمام إختيارات مسيّسة ومتحزّبة أفرغت مبادرة الرئيس القيّمة من محتواها وكرّست نفسا غنيميا جاءَت به فلسفة الإقطاع في حكم الترويكا وغيّبت المصلحة العامة لفائدة لوبيات سياسية ومالية أحكمت قبضتها على يد البلاد.

كنّا ننادي مرارًا بجمهورية متضامنة تتّحد فيها سواعد البلاد لإعادة الإقتصاد إلى دورته العادية ولخلق مواطن الشغل ولدرءِ فتق الهوامش وإستعادة التوازن العام للدولة، فإذا بنا أمام جمهوريّة متهافتة كرّست الحزبية الضيقة ومجّدت فكر الغنيمة وعمقت هوّة الشرخ الفاصل بين النخب السياسية لفكر ما بعد 14 جانفي والشعب الكريم في جلّ القطاعات، فنال الإتحاد قسما والنهضة وطرا والنداء ما لذّ وطاب واليسار وآفاق والبقية ما تيسّر إليه سبيلا.

الحسابات السياسوية وأشباح القوى العظمى ومطرقة صندوق النقد والدوائر المالية العالمية ولوبيات الضغط نالت القسم الأوفر من هذه القِسمة غير العادلة حتى جهويا فنالت جهة تونس أو ما يطلق عليه عامّة البلدية نصيب أجسد وحجب دور الساحل التاريخي ونخبه وغيبت جهات، هذا على مستوى التمثيل فضلاً عن تنصيب أكثر من كاتب دولة في كلّ وزارة تحت غطاء الترضيات فكانت النتيجة فريقا حكوميا غير متجانس وخانقٍ لكلّ تصوّر أو مشروع...

مرارا وتكرارا قلنا أنّ الأسماء ليست هي المهمة بقدر ما أردنا مشروعا لإنقاذ البلاد من الإنهيار والتردّي، مشروعا لجمهورية عادلة تحارب الإرهاب والفساد بنفس الرغبة وتحرك الإقتصاد وملفات التنمية الحارقة بكل جدوى، جمهورية متضامنة ﻻ تبشر بالجنة للفقراء بل تؤكد إلتزامها بالقضاء على جيوب الفقر والرفع من سقف الخدمات في دواخل الوطن، جمهورية قوية تعيد للقانون مكانته وللدولة قوّتها في المفهوم الهيجيلي للدولة،

جمهورية تعي بحجم التحديات والمتاعب وتجمّد الترفيع في الجرايات الأكبر حجما في قطاعات البنوك والطاقة وتعمل على إيجاد حلول لبطالة الشباب، جمهورية معتدلة ومتوازنة تراجع برامج تعليمها لإنتاج جيل متشبع بالقيم والمبادئ السامية وفي حميميّة مع لغته وتراثه ودينه بعيدا عن الإجتثاث والإنبتات وبمنائ عن الغلوّ والتطرف الأعمى، جمهورية قيم عادلة ومنفتحة ديمقراطية ترفض التغوّل والهرسلة..

لكن لا بدّ من التنويه أنه مهما إختلفنا مع تركيبة الحكومة علينا مساندتها وإعطائها كلّ الفرص وإنتظار الأفعال والأعمال خاصّة وأنّ البلاد لا تحتمل مزيدًا من الإحتقان والإنتظار.